طالبوا بإيجاد آلية لحمايتها من التقلبات الخارجية.. خبراء:
بورصة قطر بحاجة إلى صانع السوق
التقلبات العنيفة تكبد صغار المستثمرين خسائر كبيرة
المستثمرون لم يتعلموا الدرس من الأزمات السابقة
اقتصاديون: الأخبار الـ "جيوسياسية" المحرك الرئيس لأسواق المنطقة
عبد العزيز: الأسواق الناشئة أكثر تأثرا بالأزمات العالمية لنقص الوعي
الصيفي: كبار المستثمرين يستغلون الأزمات للضغط على الأسهم
الدوحة - طوخي دوام:
أكد خبراء ومستثمرون على أهمية إيجاد آلية لحماية البورصة من الانخفاضات والتقلبات الحادة التي تشهدها الأسهم بعد كل أزمة عالمية، مشيرين إلى أن حماية السوق من التقلبات الحادة يسهم في جذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية.
وقال الخبراء إن المعطيات الفنية للسوق القطري قوية ومشجعة للاستثمار لكن تأثير العوامل "الجوسياسية"هو الطاغي في الوقت الراهن، لذا يجب العمل على حماية السوق من تأثير تلك العوامل أو الحد منها.
وطالب الخبراء بتوفير حماية أكبر لصغار المستثمرين وحقوق الأقليات بالشركات في ضوء التطورات التي يشهدها السوق الفترة الأخيرة. وأشاروا إلى أن التقلبات العنيفة لمؤشرات السوق يعرض صغار المستثمرين لخسائر كبرى.
ويرى الخبراء أن وجود صانع للسوق يسهم في الحد من تأثير الأزمات الخارجية التي يتعرض لها السوق من وقت لآخر، ويحقق التوازن في السوق في حال الهبوط أو الصعود غير المبرر لأسعار الأسهم بما يضمن حماية التعاملات من الانهيار والحفاظ على حقوق صغار المساهمين.
وأشاروا إلى أن هبوط بورصة قطر المتكرر بعد كل أزمة عالمية رغم قوة الاقتصاد القطري ساهم في كشف تأثير غياب صانع السوق، وأوضحوا أن المحافظ المحلية قامت بتسييل جزء كبير من استثماراتها في السوق متأثرة بعمليات البيع التي قامت بها المحافظ الأجنبية، وهو ما ظهر في الهبوط الأخير للبورصة مع اتجاهها نحو البيع بكميات كبيرة خوفاً من الخسارة.
وقالوا: إن الكثير من المستثمرين لم يتعلموا أو يستفيدوا شيئا من الأزمات العالمية السابقة، فقاموا بعمليات بيع عشوائي عقب خروج بعض المحافظ الأجنبية المؤقت من السوق على أثر تنامي حدوث عملية عسكرية ضد سوريا وما صاحبها من مخاوف جيوسياسية، وهو ما كبد صغار المستثمرين خسائر جمة.
وقد شهدت بورصة قطر على مدى الأسابيع الماضية انخفاضات حادة بسبب المخاوف من تصعيد عسكري في سوريا بعدما أدت مخاوف المتعاملين من الاضطرابات السياسية بالمنطقة إلى انخفاض المؤشر من أعلى مستوياته في خمس سنوات وتكبده خسائر تجاوزت التسعة بالمائة ليفقد حوالي 900 نقطة من رصيده في عشر جلسات تقريبا منذ الإعلان عن ضربة عسكرية أمريكية أوروبية وتدخل عسكري في سوريا ما أدى إلى ارتفاع المخاطر السياسية في المنطقة.
وكان المؤشر سجل في 22 أغسطس أعلى مستوياته في خمس سنوات عندما تخطى مستوى 1010 نقاط لكنه هبط إلى دون مستوى 9300 في بداية الأسبوع الماضي، حيث سيطرت حالة من الهلع على تحركات المستثمرين وأدت حالة الخوف التي انتابت المستثمرين وخاصة الاستثمار الأجنبي باعتباره الأكثر حساسية تجاه أي تطورات سياسية أو عسكرية إلى نزوح استثمارات أجنبية من السوق خلال هذه الفترة، قبل أن تسهم حالة التهدئة واحتمال تأجيل ضرب سوريا إلى ارتداد السوق صوب المكاسب وتعويض جزء من الخسائر التي تكبدها بسبب هذه الأزمة.
وعلى صعيد بورصات المنطقة ما زالت الظروف السياسية تلقي بظلالها على هذه الأسواق، وأشاروا إلى أن "الضبابية تسود معظم أسواق المنطقة وتلك الضبابية تدفع الأسواق للتذبذب باتجاه الانخفاض.
المحرك الرئيسي للسوق
ويرى محللون أن أخبار سوريا ستكون المحرك الرئيس لأسواق المنطقة، وأن اتضاح الأمور بشأن الضربة العسكرية خلال الأسبوع الجاري سيحدد مصير مؤشرات الأسواق لكن التوقعات تميل إلى استمرار التذبذب.
وأشاروا إلى أن التراجعات الأخيرة في الأسواق المالية والخسائر المترتبة من تلك التراجعات على إثر تنامي حدوث عملية عسكرية ضد سوريا وما صاحبها من مخاوف جيوسياسية، ألقت بظلالها على جميع أسواق الأسهم في العالم سلبيا، وهو أمر له ما يبرره خلال الفترة الوجيزة إلا أن المبالغة في التعاطي مع المخاطر الناتجة عن تلك التطورات السياسية لا شك أن له آثاره السلبية على أداء الأسواق المالية ومؤسساتها وشركاتها.
وقال المحللون: إن تراجعات سوق الأسهم بعد الإعلان عن النية لتوجيه هذه الضربة جاءت نتيجة طبيعية لحاجة السوق إلى عملية جني أرباح وتصحيح منطقي، لكن هناك بعض المضاربين استغلوا الأزمة السورية للضغط على الأسهم لمعاودة شرائها من جديد بأسعار متدنية.
صغار المستثمرين
وأشاروا إلى أنه في حالة حدوث هبوط في السوق يهرب صغار المستثمرين من السوق خوفاً من الانهيارات الأمر الذي يدفع السوق للمزيد من الهبوط، لكن في حال وجود صانع السوق فأنه يضمن التوازن بما يزيد الثقة في السوق علاوة على طمأنة صغار المستثمرين.
وأوضحوا أن صانع السوق يسهم في المحافظة على استقرار المستويات السعرية للأسهم في حال تعرضها لعمليات بيع مفاجئة، ويقلص من فجوات التراجع أو الارتفاع التي قد تحدث نتيجة عمل مضاربين معينين كما يحدث في الأسواق الخليجية، إذ يحاولون اعتماد وبث الشائعة على أسهم معينة ليلحق بهم باقي المستثمرين تبعاً لنظرية ''القطيع''.
وأكد الخبراء أن وجود صانع للسوق لا يتنافى مع مفاهيم اقتصاد السوق المفتوح والحر. مشيرين إلى أن الأسواق المتقدمة سواء في الولايات المتحدة وأوروبا لديهم صانع سوق لمتابعة الأسهم وعدم تركها تنحدر إلى مستويات تضر بهم وبالمستثمرين، حيث يتدخل صانع السوق في الوقت المناسب للشراء والبيع ويعلن يومياً عن أسعار البيع والشراء لأسهم الشركات المتخصص بها وفي بعض الأسواق يحدد الكميات التي يكون مستعداً لشرائها وبيعها بالأسعار المعلنة.
سيطرة الاستثمار الفردي
ونبه الخبراء إلى أن مهمة صانع السوق ليست منع هبوط أسعار الأسهم كما يعتقد البعض وإنما توفير السيولة للبائعين والمشترين عند المستويات التي يمليها مستوى العرض والطلب، موضحين انه لا يمكن لأي صانع سوق أن يقوم بعمله بشكل جيد مع وجود حدود قصوى للتحرك اليومي للأسعار لافتين إلى أن توفير السيولة عند تلك المستويات القصوى معناه تكبده خسائر كبيرة في اليوم التالي.
ويرى الخبراء أن عدم وجود عمق لمعظم أسواق المنطقة وسيطرة الاستثمار الفردي وضعف ومحدودية الاستثمار المؤسسي والذي يساهم في توازن واستقرار هذه الأسواق في ظل غياب صانع للأسواق تجعل هذه الأسواق من أكثر جزئيات الاقتصاد الكلي حساسية للأحداث وعاده ما تكون حساسية مفرطة سواء بالارتفاع أو الانخفاض وتتأثر بالقرارات والأحداث السلبية أكثر من الإيجابية.
تغير بيئة الاستثمار
وقال الخبراء إن مهام صانع السوق تختلف حسب طبيعة كل بورصة، مشيرين إلى أن أبرز واجبات صناع السوق تتلخص في المحافظة قدر المستطاع على سوق مستقر من خلال الحد من التقلبات الحادة في الأسعار. والتنفيذ الفوري لعمليات البيع والشراء في حال تعذر وجود بائعين أو مشترين، ما يسهم في زيادة حجم التداول وتعزيز السيولة.
بالإضافة إلى الاحتفاظ بعدد كبير وكافٍ من أسهم الشركات المدرجة التي يمثلها لتسهيل ضخها بالسوق عند الحاجة، والبحث عن مستثمرين محتملين، خصوصا المؤسسين منهم، في أسهم الشركات التي يمثلها.
وأجمع الخبراء على أن وجود الشركات الصانعة للسوق يحتاج إلى تغير بيئة الاستثمار في معظم الأسواق العربية لتسمح بوجود هذه الشركات التي ينبغي أن تتوافر فيها شروط كثيرة لتقوم بدورها.
واعتبروا أن أسواق الأسهم العربية هي أسواق ناشئة ولم تصل في تطورها إلى هذه المرحلة، وهي تحتاج إلى تغييرات تنظيمية وتشريعية عديدة لكي نصل إلى المرحلة التي تنشأ فيها الشركات الصانعة.
الأسواق المتقدمة والناشئة
في البداية قال الاستشاري الاقتصادي أسامة عبد العزيز إن الأزمات العالمية تؤثر على جميع الأسواق المالية سواء المتقدمة منها أو الناشئة، إلا أن تأثيرها على الأسواق الناشئة يكون أكبر بسبب نقص الوعي لدى مستثمري هذه الأسواق بالإضافة إلى عدم وجود صانع سوق يعمل على إحداث نوع من التوازن في عمليات البيع والشراء في هذه الأسواق.
وأشار إلى أنه رغم صغر حجم محفظة المستثمرين الأجانب في السوق القطري إلا أن عمليات التسييل التي تقوم بها تلك المحافظ تكون مؤثرة بنسب كبيرة في السوق وذلك لانقياد الكثير من المحافظ المحلية وصغار المستثمرين لموجة البيع التي يقوم بها الأجانب وهو ما يؤدي إلى تراجع السوق بنسب كبيرة.
وقال عبد العزيز: إن السوق القطري استعاد توازنه وعوض جزءا كبيرا من خسارته بمجرد زوال الأسباب الخارجية من خلال تأجيل ضرب سوريا ليرتفع مؤشر السوق أكثر من 480 نقطة في جلسة واحدة ويربح رأسمال السوق للأسهم أكثر من 22 مليار ريال، لأن أساسيات السوق القطري قوية سواء على مستوى الشركات العاملة في السوق أو على الاقتصاد ككل.
وأشار إلى أن أسعار أسهم الشركات القطرية ما زالت متدنية ومغرية للشراء والاستثمار، بفضل العوائد الجيدة للاستثمار في هذه الشركات التي تحقق نتائج أعمال قوية، تعكس مستويات النمو الكبيرة التي يحققها الاقتصاد القطري، وجاذبيته الكبيرة للاستثمارات الإقليمية والعالمية.
الاستفادة من الأزمة
من جانبه قال المحلل المالي سعيد الصيفي إن التراجعات الأخيرة في الأسواق المالية والخسائر المترتبة على تلك التراجعات على إثر تنامي حدوث عملية عسكرية ضد سوريا وما صاحبها من مخاوف جيوسياسية، ألقت بظلالها على جميع أسواق الأسهم في العالم سلبيا.
إلا أنه أشار إلى أن تأثير أزمة سوريا على أسواق المنطقة ومنها بورصة قطر كان أشد نظرا لعدة أسباب أهمها نقص الوعي لدى بعض صغار المستثمرين بالإضافة إلى خروج بعض الاستثمارات الأجنبية من هذه الأسواق وهو ما دفع الكثير من المحافظ المحلية إلى اتباع نفس السياسة وهو ما خلق نوعا من الهلع والفزع لدى المستثمرين.
وقال الصيفي إن هناك بعض كبار المستثمرين انتهزوا هذه الأزمة ويقوموا بعمليات تسسييل لجزء من محافظهم الاستثمارية للضغط على الأسهم لشرائها بأسعار متدنية بعد ذلك وقاموا بالضغط على بعض الأسهم للقيام بعمليات شراء بمستويات سعرية متدنية.
صانع السوق
وعن تأثير الأزمة السورية على أسواق المنطقة، قال الصيفي إن الأسواق كانت تنتظر الإعلان عن أخبار إيجابية جديدة لتكسر حواجز عليا أو تداول أفقي، بالتالي كانت جاهزة لجني الأرباح وهو ما حدث مع إعلان خبر نية توجيه ضربة عسكرية للنظام السوري.
وأضاف أن أسواق المنطقة جميعها أسواق ناشئة ينقصها العمق الكافي حتى لا تتأثر بهذه الشراسة، إضافة إلى أن المبالغة في التأثر جاءت بسبب تأثير عدد محدود من المحافظ التي تمتلك القوة الشرائية التي تعيد حساباتها، بالتالي هي فرصة للضغط على الأسعار ومن ثم الدخول في مراكز جديدة.
ونصح صغار المتعاملين بعدم التفريط في أسهمهم بسرعة حيث أن هذه الانخفاضات تكون وقتية ومن بعدها تعاود الأسعار مستوياتها التي كانت عليها ما قد يجعل من يفرط بأسهمه يشعربالحسرة جراء الخوف من الخسائر.
وأشار إلى أن السوق ما زال ينقصه العمق، مطالبا بضرورة وجود صانع سوق يخلق توازنا في أداء السوق، معتبرا أن صانع السوق لا يتنافى مع مفاهيم اقتصاد السوق المفتوح والحر.
وقال إن صانع السوق يقوم بدور حيوي في خلق حالة التوازن بين عمليتي العرض والطلب وانحسار الفجوة بين سعري البيع والشراء ما يحقق للأسواق أهم وظائفها وهي قدرة أي مستثمر على بيع الأوراق المالية التي يمتلكها بسرعة وسهولة.