النمو السكاني يزيد مساهمة قطاعات العقار والسياحة والتأمين في حسابات الاقتصاد الوطني

خبراء يدعون إلى توسيع رقعة المنتجات والخدمات المرشح زيادة الطلب عليها

النمو السكاني يزيد مساهمة قطاعات العقار والسياحة والتأمين في حسابات الاقتصاد الوطني

2013-09-28

يتوقع خبراء ومراقبون أن يسهم التزايد السكاني للدولة في تعميق أنشطة عدد من القطاعات الخدمية الكفيلة بتحقيق الرؤية الوطنية، إزاء تنويع موارد الاقتصاد ومساهمته بالدخل القومي.

ويتوقع بلوغ عدد سكان الدولة قرابة مليوني نسمة نهاية العام الحالي، على أن يرتقي لنحو 2.2 مليون بنهاية 2014، ما يعني زيادة الطلب على مختلف القطاعات الخدمية التي تنحصر مساهماتها الحالية في إطار نطاق ضيق ضمن منظومة حساب الناتج المحلي للدولة الذي يهيمن عليه نشاط قطاع الطاقة.

ويؤكد خبراء على قدرة القطاع العقاري على استيعاب الزيادة السكانية المتوقعة، لافتين إلى أن لدى البلاد مخزونا هاما من الوحدات السكنية، التي من شأنها أن تغطي الطلب المتزايد في الفترة القادمة.

وأوضح الخبراء لـ «العرب» أن هذا النمو في عدد السكان سيكون له الأثر الإيجابي على القطاع العقاري القطري، حيث ستنشط السوق أكثر، مع تأثر نسبي لمستوى الإيجارات.

وأوضح مانع إبراهيم المانع رئيس مجلس إدارة «سينشري 21» بأن القطاع العقاري يشهد حاليا فائضا كبيرا من الوحدات السكنية، ما يجعل القطاع مستعدا لاستيعاب النمو المتسارع في عدد السكان.

وقال المانع: «ستكون لزيادة عدد سكان قطر الأثر الإيجابي على القطاع العقاري، حيث سيكون هناك نوع من الانتعاش في نشاط القطاع». لافتا إلى أن الانعكاس على مستوى الإيجارات سيكون بسيطا.

نمو

وأشار رئيس مجلس إدارة «سينشري 21» إلى أن نمو عدد السكان في قطر سيساعد على تسارع التطوير العقاري في البلاد، مؤكداً على أن عدد الوحدات السكنية المتوفرة قادرة حاليا على استيعاب هذا النمو.

وأضاف المانع بالقول: «هذه الزيادة في عدد السكان سيكون أغلبها من العمالة غير المتخصصة، والتي عادة تعتمد نظام سكن العمال وليست زيادة في الكوادر والموظفين المتخصصين الذين يستأجرون وحدات سكنية مستقلة، وبالتالي فإن الضغط على القطاع العقاري سيكون معتدلا».

فائض

بدوره، أكد الخبير العقاري أحمد العروقي أن القطاع العقاري قادر على استيعاب النمو المنتظر في عدد السكان خلال الفترة القادمة. وقال: «يوجد حاليا فائض في عدد الوحدات السكنية يقدر بنحو 16 ألف مسكن جاهز. كما أن المستثمرين والعقاريين والدولة في عمل متواصل لبناء المزيد من الوحدات السكنية في المناطق المحيطة بالدوحة وتوصيل الخدمات اللازمة لها، وبالتالي فإن القطاع قادر على تلبية نمو الطلب على المساكن».

وأضاف العروقي بالقول: «لقد مرت قطر خلال السنوات العشر الماضية بهذه التجربة، حيث تضاعف عدد السكان بمعدل %100 كل 4 سنوات ولم نر أزمة في توفير المساكن، حيث توفر الدولة العديد من الخيارات السكنية بين المباني الفخمة والمتوسطة وحتى المنازل القديمة، وبالتالي فإن القطاع العقاري قادر على خدمة المسيرة التنموية للبلاد.

المرور

وعلى مستوى تأثر حركة المرور بالارتفاع المتوقع لعدد السكان أوضح العروقي أن الدولة تعمل على تطوير البنية التحتية للبلاد، حيث تجري الأشغال على قدم وساق لبناء شبكة السكك الحديدية، كما تعمل البلاد على إعادة تنظيم الشوارع وإلغاء الدورات وتعويضها بإشارات مرورية ما سيساهم في الحد من الازدحام في الطرقات.

آلية السوق

من جهته، قال نسير العجلي المدير التنفيذي لشركة «دي.تي.زد» للاستشارات العقارية إن السوق العقارية تخضع كجميع القطاعات الاقتصادية إلى قاعدة العرض والطلب، وبالتالي فإن زيادة الإقبال على الوحدات السكنية سيدفع مستوى الإيجار إلى النمو.

وأشار العجلي إلى أن الدوحة تواجه شحا في الوحدات السكنية في بعض المناطق، لافتا إلى أن الشقق متوسطة الحجم والمكونة من غرفتين وصالة تكاد تكون معدومة حاليا في منطقة الخليج الغربي، والتي تعتبر المنطقة المفضلة للأوروبيين.

وأوضح العجلي أن التأخر في تنفيذ المشاريع العقارية في هذه المناطق أسهم في رفع أسعار الإيجار، ما كان له الأثر السلبي على المنطقة.

وبشكل عام أوضح العجلي أن البلاد مع تنفيذ المشاريع العقارية المستقبلية فإنها قادرة على استيعاب النمو المتوقع لعدد السكان خلال العام القادم.

سرعة الاستجابة

من جهته، أكد الدكتور ميسر صديق، الشريك والرئيس التنفيذي لشركة إبهار للمشاريع أن القطاع العقاري المحلي قادر على استيعاب أية أعداد من السكان خلال السنوات المقبلة، خاصة أن الدولة مقبلة على نهضة معمارية كبيرة للغاية، مستمرة حتى موعد مونديال 2022، وأيضا حتى تنفيذ استراتيجية الدولة لعام 2030.

وأشار صديق إلى أن هذه القدرة المتوقعة للقطاع العقاري متوقفة على سرعة التعامل في عملية التوسع مع الأراضي في الشمال والجنوب، من خلال البنية التحتية التي تعتبر هي المستقبل. وقال: «اليوم أفضل من الغد في موضوع التكلفة، ومن السهل جدا خلال هذه الفترة فرز العديد من قطع الأراضي لتجهيزها للبناء، خاصة أن كل العوائق تبدأ من البنية التحتية».

وأشار إلى أنه من خلال خبرته التي استمرت 34 سنة في قطر، ومن خلال كل التجارب للدول القريبة والبعيدة يجب أن يكون التركيز والاهتمام على البنية التحتية هو الأهم في هذا الموضوع، ولا بد أن تكون هناك سرعة في تجهيز الخدمات المطلوبة للبنية التحتية.

دور البنوك

وأضاف أن دور البنوك أيضاً مهم للغاية في التمويل للمستثمرين الجادين، بالإضافة إلى ضرورة الإسراع في وصول الخدمات بعد البناء بشكل لا يعيق التجهيز للمباني، وذلك من خلال وجود شباك واحد في التعامل مع الاستشاريين التابعيين للشركات العقارية. وقال: «يجب أن تكون هناك سرعة في إنجاز الطلبات أو وضوح من البداية في الطلبات لتسهيل النواحي الإجرائية، خاصة أن طول المدة في إصدار الموافقات الخاصة بالخدمات المقدمة للمباني يؤثر على سير العمل، ولذلك يجب أن تكون الأمور واضحة من البداية».

ودعا صديق إلى ضرورة عقد اجتماعات مستمرة بين الدفاع المدني والتخطيط العمراني والمكاتب الاستشارية لإنهاء كل هذه الملاحظات التي يمكن أن تعيق عملية البناء. وقال: «أقول هذا الكلام لحبي في قطر ولرد الجميل، ولذلك يجب أن تكون هناك خطة متكاملة من البداية بين جميع الهيئات حتى لا يحدث تأثير على عملية النمو في البناء».

واستطرد الدكتور ميسر في هذه الجزئية، مؤكداً على أنه حتى لا يحدث تضخم على أسعار الأراضي وتكلفة البناء ثم التأجير يجب أن تكون هناك خطة لسرعة إنجاز الخدمات التي يحتاجها البناء، بالإضافة إلى سهولة في عملية التمويل. وقال: «أنا واثق تماما من أن النهضة المعمارية في قطر خلال الفترة المقبلة ستواكب الزيادة السكانية المتوقعة».

القطاع الفندقي

أكد مديرون في فنادق الدوحة الكبرى أن التوقعات القائلة بزيادة عدد السكان في قطر ستنعكس إيجابيا على القطاع الفندقي، وبشكل خاص الشقق الفندقية، حيث سترفع من نسب إشغالها، وبالتالي ستعزز من حجم المبيعات فيها.

وبين هؤلاء أن القطاع الفندقي من أكثر المستفيدين من هذه الزيادة، إذ يقيم كل المقيمين الجدد في الفنادق والشقق الفندقية لمدة 4 أشهر على أقل تقدير، لافتين إلى أن هناك شركات تحجز الشقق لمدة سنة وأكثر، بالإضافة إلى نزلاء الفنادق الذين ينزلون في دور الضيافة لمدة وجيزة، إلى أن يؤمنوا مسكنا مناسبا لهم.

وأكد المديرون أن القطاع الفندقي القطري المتنامي بكل فئاته ودرجاته قادر على استيعاب الأعداد المتزايدة من السكان، بل يعتبر المقيمون الجدد من أهم عملائه.

فقد ذكر مدير عام فندق سانت ريجيس الدوحة طارق درباس، أن أية زيادة في عدد السكان تعني زيادة في نسبة إشغال الفنادق والشقق الفندقية، مبينا أن عدد الشركات القادمة إلى الدوحة والتي تضم عددا كبيرا من الموظفين وعائلاتهم تلجأ مباشرة إلى دور الضيافة التي تعتبر الخيار الأفضل والأكثر مناسبة لهم، لافتا إلى أن المقيمين الجدد يعتبرون الزبائن الأهم بالنسبة للقطاع الفندقي، وبشكل خاص الشقق الفندقية التي تحقق نسب إشغال أعلى مع كل زيادة في عدد السكان، كما أن الفنادق أيضا تشهد حركة أكبر في المرافق التابعة لقسم الأغذية والمشروبات من خلال الاجتماعات والإقامات التي يقوم بها موظفو الشركات الجديدة الكبرى الموجودة، والتي ستدخل قريبا إلى البلاد.

بدوره، ذكر مدير عام فندق فريز سويتس مصطفى حنيني أن التوقعات الأخيرة التي تحدثت عن زيادة في عدد سكان قطر تأتي نتيجة للنهضة الكبيرة في الأعمال والمشاريع والقطاع الفندقي ومرافقه المختلفة من مطاعم وفنادق وشقق فندقية، لافتا إلى أن الزيادة المتوقعة ستكون من خلال دخول شركات جديدة للدولة تعمل في مجالات متعددة، ومعها موظفوها وعائلاتهم من الذين سيكونون بحاجة إلى مكان للإقامة، وستكون الفنادق الملاذ الأفضل لهم، على الأقل في المرحلة الأولى. مبينا أن عددا كبيرا من موظفي الشركات يقيمون لمدة 4 أشهر على أقل تقدير في الفنادق أو الشقق الفندقية إلى أن يجدوا المسكن المناسب، لافتا إلى الزيادة في عدد السكان تعني زيادة في الطلب على الغرف، التي بدورها تشهد نموا مستمرا خلال الفترة الحالية.

نتيجة طبيعية

وذكر مدير عام فندق ذا رويال ريفيرا ألان سلامة أن الزيادة في عدد السكان أمر طبيعي مع توسع قطاع العقار ونمو قطاع الأعمال ووجود مشاريع كبرى تحتاج إلى شركات بذات الحجم لإدارتها، والتي تأتي إلى الدوحة للإقامة فتخلق حركة نشطة في القطاع السكني والفندقي على حد سواء، حيث يقوم المقيمون الجدد بالتوجه إلى الفنادق ويسكنون في الشقق الفندقية، ربما كل فترة إقامتهم في الدوحة. موضحا أن الزيادة في الطلب تشير إلى ضرورة الزيادة في العرض وبناء عدد أكبر من الفنادق ليستوعب هذه الزيادة في عدد السكان، ناهيك عن عدد الزوار والعابرين للدوحة، وأشار ألان إلى أن أية زيادة في عدد السكان أو الزوار تنعكس إيجابا على القطاع الفندقي وتحقق له حركة نشطة في نسب الإشغال ومعدلات المبيعات.

التأمين

وأكد خبراء أن قطاع التأمين مرشح للنمو خلال الفترة المقبلة بدافع من الوضع الاقتصادي القوي وحركة الإنشاءات التي تشهدها معظم مناطق الدولة، والتي تأتي ضمن رؤية قطر الوطنية 2030، وتلك التي تخص مشاريع مونديال 2022.

وقال هؤلاء لـ «العرب» إن الدولة لديها بنية تحتية ومشاريع في قطاع الطاقة تبلغ قيمتها مئات المليارات، الأمر الذي يصب في مصلحة الخدمات المالية في قطر، ومنها قطاع التأمين وإعادة التأمين. ورشح هؤلاء أن ينمو القطاع إلى الضعف تقريباً خلال السنوات الخمس المقبلة، بدافع من زيادة عدد السكان المتوقع، بالإضافة إلى قانون التأمين الصحي.

ومن المتوقع أن يزيد عدد سكان قطر إلى نحو 2.4 مليون نسمة، لتلبية احتياجات الطفرة العقارية التي تشهدها البلاد من الآن وحتى عام 2022، من عمالة ومهندسين وغيرهم، كما أنه من المتوقع أن يتم تطبيق قانون التأمين الصحي بشكل كامل في عام 2015.

وأشار الخبراء إلى أن قطر لديها واحد من أسرع الاقتصادات نمواً في العالم وأكثرها ديناميكية، الأمر الذي يدفع بهذا القطاع إلى التحرك نحو تحقيق نتائج أكثر إيجابية مما هو عليه الآن.

مشاريع

وتشير تقديرات إلى أن قيمة مشاريع البنية التحتية المستدامة في قطر تبلغ قرابة 200 مليار دولار، من المقرر أن يتم الانتهاء منها في غضون السنوات العشر القادمة كجزء من استراتيجية قطر الوطنية 2030، منها حوالي 80 مليار دولار قيمة مشاريع يتم تنفيذها بالفعل، وأكثر من 100 مليار دولار لمشاريع من المتوقع أن تبدأ خلال السنوات الثلاث المقبلة.

يقول محمد ماهر الجعبري إن قطاع التأمين يأتي كأحد أبرز القطاعات الاقتصادية التي نهلت من وراء التقدم الاقتصادي، الذي حققته قطر بفضل القيادة الحكيمة للدولة، لافتاً إلى أن القطاع استطاع أن ينمو بشكل واضح خلال السنوات القليلة الماضية، وسيكون في مقدمة القطاعات المرشحة لجني المكاسب الناتجة من الازدهار الاقتصادي الذي تعيشه قطر.

ويضيف الجعبري أن استضافة قطر لمونديال 2022 ستكون لها دور كبير في جذب استثمارات إضافية للدولة، مشيراً إلى أن هذه البنية التحتية الضخمة العامة والخاصة وبرامج الاستثمار الصناعية ستقود الدولة إلى تحقيق نمو سريع في أصول شركات التأمين، وكذلك ستزيد الحاجة إلى حلول للتأمين وإعادة التأمين لهذه المشاريع الرأسمالية.

عمالة

ويؤكد أن هذه المشاريع ستجلب عددا كبيرا من العمالة إلى الدولة، بالإضافة إلى أن تطبيق قانون التأمين الصحي على الجميع من شأنه أن يزيد حصة شركات التأمين في الدولة إلى نحو الضعف خلال السنوات الخمس المقبلة فقط.

تضاعف النشاط

من جانبه، يرى خبير التأمين محمد مهران أن الطفرة غير المسبوقة التي ستشهدها قطر على مدار عشر سنوات مقبلة في قطاع الإنشاءات والعقارات من شأنها أن تضاعف قطاع التأمين في الدولة مرات عدة.

ويقول مهران إن الطلب على العمالة خلال هذه الفترة سيزيد من عدد سكان قطر، وهي زيادة سيوازيها بالتالي نمو في أقساط تأمين الشركات، بالإضافة إلى قانون التأمين الصحي الإلزامي على المواطنين وغير المواطنين، والذي سيتم تطبيقه بشكل كامل بحلول عام 2015، حيث أكد أن كل هذه عوامل من شأنها أن تضاعف أقساط التأمين لدى الشركات خلال السنوات الخمس المقبلة.

ولفت إلى أن سوق التأمين في قطر نمت بمعدل سنوي مركب بلغ قرابة %25، وهو أسرع معدل نمو في العالم، في حين أن المعدل في دول مجلس التعاون الخليجي كان %20.

وتوقع تقرير حديث أن تزيد أقساط التأمين في قطر بنحو ثلاثة أضعاف حجمها، وذلك في الفترة من 2010 و2015، ولكن معدل اختراق التأمين (نسبة أقساط التأمين من الناتج المحلي الإجمالي) لا تزال منخفضة عند %0.9 في عام 2010، مرتفعة من %0.71 في عام 2000، مشيراً إلى أن هذا المعدل أقل بكثير من المتوسط العالمي البالغ حوالي %7.5.

وبالمثل، فإن كثافة التأمين في قطر (أقساط التأمين لكل فرد من السكان) هي أعلى بقليل من المتوسط العالمي البالغ 600 دولار، ولكنها أقل بكثير من مستويات النمو الاقتصادي في الدولة.