إلا من جيب الدولة

زيادة رسوم المدارس بين هدر المال العام والتمييز ضد المواطن

إلا من جيب الدولة
2013-09-18

إلا من جيب الدولة Large_1379485041

قرار مفاجئ وغريب لا يناسبه الزمان ولا يحتويه المكان، اتخذه المجلس الأعلى للتعليم أمس، بربط زيادة رسوم المدارس بأداء الطلبة الأكاديمي بداية من العام الدراسي الحالي، وهو ما واكبته ردود أفعال غاضبة للكثير من المواطنين المتضررين من تبعات هذا القرار الذي يثقلُ كاهلهم بالمزيد من الأعباء المالية، ويجعلهم فرادى في مواجهة أصحاب المدارس، وتحت رحمتهم في تقرير زيادات تلك الرسوم.
نعلم أن أهداف الأعلى للتعليم سامية، ومرامُها في المقام الأول توفير فرص التعليم المتميز في المدارس الحكومية والخاصة، لكل طالب يعيش على أرض قطر.
ولا نشك في حرص المجلس على تحسين وضمان جودة التعليم في مدارس الدولة، ونعي أن هدفه من هذا القرار هو المواءمة بين الرسوم الدراسية بتلك المدارس ومستوى الخدمات التعليمية التي تقدمها، والقدرات المادية لمختلف شرائح المجتمع.
ولكن أليس من الغريب أن يتم زيادة رسوم 28 روضة ومدرسة من أصل 130 تقدمت بطلبات بهذا الشأن، ألم يكن من الأفضل للمجلس الانتظار حتى يتم الانتهاء من السياسات المنظمة لذلك، حتى لا يشعر أي مواطن أو مقيم بغبن، يستشعر معه أنه قد فُرض عليه ما لم يُفرض على غيره.
إننا نستغرب بل نستنكر فرض بعض المدارس الخاصة رسوماً على الطلاب القطريين أعلى بكثير من زملائهم المقيمين، بهدف ابتلاع كل المبالغ المخصصة للقسائم التعليمية، وهو أمر استهجنه الشارع القطري، كونه -كما قال البعض- ينم عن تمييز وعنصرية، وفي تقديرنا أن تلك المدارس ما كانت ستتجرأ على هذه الخطوة لولا تهاون المجلس الأعلى للتعليم في هذا الجانب، بل ومباركته للخطوة والدفاع عنها بقوله في بيانه الذي أصدره أمس في هذا الخصوص «إن هذه المدارس تقدمت بطلبات لزيادة الرسوم لهذا العام الأكاديمي، وهو العام الذي لم تنته فيه مرحلة إعداد السياسات المنظمة للرسوم، ونظراً لارتباط موضوع الرسوم بأمور كان من المحتمل أن تتسبب في إغلاق هذه المدارس، فقد ارتأى المجلس أن يقوم بزيادة الرسوم على فئة محددة من الطلبة في المدارس المدعومة من الدولة للطالب القطري بما لا يتجاوز 28000 ريال قطري».
ومضى بيان المجلس إلى نقطة مثيرة للاستغراب أيضاً بقوله «إن الفرق الذي يدفعه ولي الأمر هو نفس الفرق، سواء منحت القسيمة كاملة للمدرسة أو لم تمنح قيمة القسيمة كاملة، بينما تم ترك الرسوم الأخرى بدون زيادة للطلبة غير القطريين، لأن الطالب غير القطري لا يشمله برنامج القسائم التعليمية»، فهل يريد المجلس أن يقول هنا إن ولي أمر القطري هو «الطوفة الهبيطة»؟.
ولعل المحزن قول المجلس «إنه تم اللجوء لهذا الحل، حيث إنه في حال تم دمج الرسوم كاملة بسعر القسيمة للطالب القطري وغير القطري سوف تحدث أسعار خيالية للرسوم الدراسية، وبالتالي سوف يتضرر الطلبة غير القطريين، أما الطلبة القطريون فليس عليهم أي ضرر، لأن الرسوم مدعومة في مدارس القسائم التعليمية ومدفوعة من الدولة»، فكأن لسان حال المجلس يقول: «إلا من جيب الدولة»، وهو هدر للمال العام لا مبرر له بأي حال من الأحوال.
ولعل الأسئلة الملحة التي سيطرت على الشارع بعد السماح لـ 28 مدرسة بزيادة الرسوم: على أي أساس احتسبت تلك الزيادة، والتي تقترب من %50؟ وما هي الفوائد التي ستعود على الطلاب وأولياء أمورهم؟ وما الإجراءات الملموسة التي ستتخذُ لقياس مستوى التقدم الدراسي والتعليمي بالمدارس التي حصلت فيها الزيادة؟ أم أن الأمور ستترك للصدفة وللأهواء والرغبات؟ وكيف يمكن حماية المواطن من جشع تلك المدارس وإفراطها في زيادة الرسوم الدراسية؟
إن على المجلس أن يتخذ بشكل فوري كافة الإجراءات والسبل الكفيلة بعدم المبالغة في الرسوم الدراسية مهما كانت المبررات والأسباب الداعية لذلك، والتي تتذرع بها المدارس الخاصة لتتقدم بطلبات لا تنتهي، وسيل لا يتوقف من رغباتها بزيادة الرسوم الدراسية أو الإضافية بحجج شتى، تندرج ضمن بنودها عبارات مطاطة من قبيل: التطوير والتحسينات، وتغيير المباني المدرسية، وإضافة الخدمات التعليمية الجديدة، وغيرها من الخدمات الأخرى.
ولا بد من رقابة صارمة ومستمرة على المدارس ورياض الأطفال لضمان تنفيذ قرارات المجلس بعدم زيادة الرسوم من دون الرجوع إليه والحصول على موافقته المسبقة، وتقديم الوثائق المدعومة بالمستندات الخاصة بالحسابات المالية المدققة، والخطة المالية للعام الأكاديمي الجديد، مع ضرورة تعبئة النماذج المعدة لذلك من المجلس، وإرفاق المستندات والوثائق، وتقديم المبررات المقنعة والحقيقية الداعية إلى زيادة الرسوم، كما يجب عرض طلبات زيادة الرسوم الدراسية على لجنة شؤون المدارس الخاصة، ولا بد أن توضع المدارس المطالبة بزيادة الرسوم تحت رقابة المجلس لمتابعة مدى تطور الخدمات التعليمية التي تقدمها للطلبة.
ولعل قيام المجلس بمنع دمج الرسوم الدراسية كاملة بسعر القسيمة للطالب القطري وغير القطري، هو خطوة على الطريق الصحيح، حيث حال دون انفلات أسعار الرسوم الدراسية، إضافة إلى قراراته بعدم تكليف أولياء الأمور أو الطلبة بطلبات فوق طاقتهم، خاصة فيما يتعلق بالمستلزمات الدراسية التي يفترض على المدارس ورياض الأطفال أساساً توفيرها، والتي هي في الأساس ضمن الرسوم الدراسية، وننتظر المزيد من تلك القرارات التي تصب في صالح الطلبة وأولياء أمورهم.

لا تعليق

اتقو الله

الله كريم

مافيه مبرر مطلقاً لرفع الرسوم

خرابيط!!!!!

» توصيل العدادات الذكية إلى مناطق الدولة بحلول 2016
» 10 سبتمبر بداية العام الدارسي لجميع مدارس الدولة