أسواق المال أبدت حساسية شديدة لتطورات الملفات الإقليمية
مراقبون يدعون المستثمرين لتلافي البيع الهلعي ويحضونهم على التمسك بأسهمهم
2013-08-28
قال محللون إن المخاوف من التطورات الجيوسياسية المرتبطة بالملف السوري، أسهمت إلى حد كبير في تجريع السوق القطرية ونظيراتها الإقليمية خسائر جسيمة يوم أمس.
وأكد هؤلاء لـ «العرب» أن المستثمرين في السوق القطرية وتلك الخليجية تجاهلوا قوة المعطيات الأساسية للشركات المتمثلة بنتائج أعمالها للنصف الأول من العام، نظرا للتخوفات ذات الصلة بالتطورات الإقليمية.
وخسر مؤشر البورصة القطرية %3 من قيمته على مدار اليومين الماضيين، فيما حض خبراء ومحللون جمهور المستثمرين على عدم اتباع سياسة البيع المذعورة وعدم التفريط بأسهمهم.
وقال المحلل المالي أسامة عبدالعزيز إن تصاعد المخاطر السياسية التي تمر بها المنطقة خلال هذه الأيام تعتبر العامل الرئيسي في التأثير السلبي على أداء البورصة ونظيراتها الإقليمية، مشيراً إلى أن الوضع السوري وعدم الاستقرار كان له ردة فعل قوية على أداء السوق.
وأوضح أنه ما دام الانخفاض على مستوى دول التعاون فإن الأجواء السياسية تعد هي المسبب الرئيسي في التراجعات وليس هناك أسباب جوهرية.
ورجح أن يستمر الهبوط الحاد في مؤشر البورصة لغاية تبلور الموقف المتصل بالملف السوري، وهو أمر لا يملك أحد توقع مداه الزمني، ما دفع المحافظ إلى تسييل جزء كبير من أسهمها خلال اليومين الماضيين.
إمكانية الاستقرار
من جانبه، أعرب تامر جادالله رئيس الاستثمار في مجموعة المانع عن توقعاته أن تتوقف الخسائر التي حققها مؤشر البورصة خلال اليومين الماضيين ليستنأنف الصعود من جديد، لافتا إلى أن التراجعات جاءت نتيجة لاستغلال المضاربين للظروف السياسية الراهنة، بالإضافة إلى أن الأسواق المالية شهدت ارتفاعات لافتة خلال المرحلة الماضية، حيث استطاع مؤشر بورصة قطر أن يتجاوز مستوى 10 آلاف نقطة للمرة الأولى منذ العام 2008، عندما اندلعت الأزمة المالية العالمية.
وطالب جادالله المستثمرين بالاحتفاظ بأسهمهم وعدم الفزع مما يحدث من تراجعات في أسعار الأسهم في الفترة الحالية، موضحا أن كبار المستثمرين والمحافظ الأجنبية تلجأ حاليا لبيع وتسييل جزء من أسهمها للضغط على السوق، ومن ثم الرجوع مرة لشرائها بأسعار منخفضة.
وشدد على أن السوق القطرية تعد من الأسواق الجيدة للمستثمرين، حيث حققت الشركات المدرجة نتائج إيجابية جدا خلال النصف الأول من العام الحالي، ويتوقع أن تقوم تلك الشركات بعمل توزيعات ممتازة على المستثمرين بنهاية العام، موضحا أن أسعار الأسهم حاليا تعد مغرية للشراء ولا يجب التفريط فيها.
واستبعد جادالله أن تقدم الولايات المتحدة الأميركية على ضربة عسكرية ضد سوريا، لافتا إلى أن من شأن تلك الخطوة أن تفجر المنطقة بالكامل، وأن تدفع جميع البورصات العالمية إلى التداعي.
عدم اليقين
بدوره، قال المستثمر أبوسلطان اليافعي إن التوترات السياسية وحالة عدم اليقين بشأن سوريا دفعت بورصة قطر على مدار اليومين الماضيين نحو الهبوط، متوقعا أن تتأثر جميع الأسواق العالمية بالتبعية بالوضع السوري المشتعل.
وأضاف أن ما نشهده اليوم هو أن الأخبار الجيوسياسية تعصف بالسوق المحلية وقريناتها بالمنطقة، حيث شهدت جميعها نوعا من الحالة النفسية والخوف جراء الأخبار عن توجيه ضربة عسكرية محتملة لسوريا.
وتوقع أن يستمر هبوط مؤشر بورصة قطر حتى نهاية الأسبوع الحالي مع استمرار الأخبار السلبية بشأن التوقعات بتوجيه ضربة عسكرية لسوريا، وذلك حتى استقرار الأخبار السياسية والإقليمية ثم ستشهد جميع الأسواق ارتدادة مضاربية نحكم على اتجاهها بعد ذلك.
مبررات
بدوره، قال الإعلامي الاقتصادي إن عدة عوامل تضافرت فيما بينها وأدت لانخفاض السوق القطرية بهذه الطريقة خلال الجلستين الأخيرتين.
وقال في هذا الصدد «السبب الأول ذو طبيعة فنية، حيث إن المؤشر شهد مؤخرا ارتفاعات قياسية من دون أن يكون هناك محطات للتهدئة، لينجح في بلوغ مستويات لم يكن أشد المتفائلين يتوقع الوصول إليها، فيما كانت التوقعات تصب باتجاه الارتقاء فوق 10 آلاف نقطة بنهاية العام».
وأضاف أن الصعود القوي للمؤشر في ظروف غير مثالية فضلا عن إجازات الصيف أدى إلى بعض المخاوف خصوصا أن عمليات الشراء كانت من طرف الانفراد وبعضهم انجرف في عمليات شراء ترافقها مخاطر ناتجة عن ارتفاع أثمان أسعار تلك الأسهم.
وزاد «هذه الظروف أسهمت في إمكانية نشوء مخاطر كبيرة في عمليات الشراء، لكن البعض خالف هذه التحذيرات، وانجرف خلف المحافظ المحلية، وبالتالي عمليات التصحيح التي رأيناها منذ بداية هذا الأسبوع يأتي جزء منها في عملية إغلاق فجوات فنية خلقها المؤشر في حركة الصعود».
وأشار إلى بروز مستجدات السياسة على الساحة السورية، ما دفع المستثمرين للتبني سياسة البيع المذعور، وهو ما يظهر من ارتفاع قيم تداولات جلسة أمس.
وأضاف «البعض كان يبيع خوفا من أي انعكاسات على أسواق رأس المال قد تؤدي إلى ارتفاع أسعار الخام عالميا أو قطع طرق النقل البحري في عالم نقل مصادر الطاقة».
وقال إنه بالرغم مع وجود هواجس أمنية وسياسية في المنطقة لكن البعض من المضاربين المحترفين يحاولون الاستفادة من هذه الظروف وهذه المخاوف من خلال الضغط على بعض الأسهم للقيام بعمليات شراء بمستويات سعرية متدنية والاستفادة من هذه الحالة.
ولفت إلى سيادة حالة من عدم اليقين في الأسواق المالية تدفع المستثمرين للحذر والحصافة.
واعتبر عواد أن هذه الفترة الفاصلة بين نتائج أعمال الشركات للربعين الثاني والثالث من العام لا تحمل في طياتها مستجدات من شأنها تحفيز السوق، وهو ما يمنح مبررا جديدا لهبوط أسعار الأسهم.
تحول إيجابي منتظر
من جانبه، توقع المستثمر علي سالم الفضلي أن تؤثر الأوضاع السياسية والتدخل العسكري في سوريا والتبعات التي تنشأ من التطورات على بورصة قطر وباقي أسواق المنطقة.
ومع ذلك فإنه لا يتوقع أن يكون هناك بيع للأسهم من قبل المستثمرين الأجانب نظرا لقوة الاقتصاد القطري وانعكاسات ذلك على أداء الشركات المدرجة.
ويوضح أن الظروف المحيطة لن تكون سلبية لدرجة أن يلجأ المستثمرون الأجانب إلى سحب استثماراتهم من البورصة القطرية والتي مرت بأزمات متعددة حيث كان يهبط المؤشر ويعاود الارتفاع مرة أخرى. وتوقع أن يشهد مؤشر بورصة قطر صعودا قويا في حال وجود مؤشرات دولية مطمئنة على الوضع السياسي خاصة في منطقة الشرق الأوسط. وشدد على أنه لا يوجد تخوف من الاستثمار ببورصة قطر لأن أوضاع شركاتها مستقرة وعائداتها السنوية قوية وجيدة، وهذه من الأسباب التي من شأنها أن تتسبب في إيداع المستثمر أمواله في البورصة. أما المستثمر محمد سالم درويش فيرى أن الأوضاع الخارجية السياسية في مصر وسوريا من الأسباب الرئيسية في هبوط مؤشرات الأسهم في كافة دول الخليج، ما أدى إلى تخوف معظم الشركات مما جعلهم يقومون بتسييل المحافظ المحلية، وبالتالي أثر ذلك على السوق وهبط المؤشر بأكثر من 400 نقطة في فترة وجيزة.
وتوقع درويش أن يعاود مؤشر بورصة قطر الارتفاع تدريجيا ليعود كما كان سابقا ويكون ذلك خلال الأسبوع المقبل، إذا ما كانت الأوضاع السياسية مستقرة.
من جانبه يقول المستثمر أبوعمر إن التدخل العسكري الأميركي في سورية هو الذي أحدث الارتباك في البورصة، متوقعا ألا تشهد السوق أي تعاف خلال الفترة الحالية، فهناك تذبذب والنزول يستمر بنسبة أقل حتى تتضح الرؤية في سوريا.
ويضيف «كانت التوقعات الخاصة ببورصة قطر إيجابية للغاية، لكن الآن خسر المؤشر أكثر من 400 نقطة خلال يومين فقط، وما زالت البورصة رهينة بالتصريحات السياسية الخاصة بالأوضاع في سوريا».